26/06/2008
د. عمرو أبو خليل مدير مستشفي المعمورة النفسي:
كتب:أحمد الهواري
علي مدار الأيام القليلة الماضية انتحر عدد من طلبة وطالبات الثانوية العامة فيما يشكل ظاهرة جديدة قابلة للتطور في الأيام القليلة المتبقية من امتحانات الثانوية العامة أو في امتحانات السنوات القادمة ولهذا توجهنا إلي د. عمرو أبو خليل مدير مستشفي المعمورة النفسي ببعض الأسئلة للوقوف علي هذه الظاهرة الجديدة.
> ما هو نوع الضغط النفسي الذي يتعرض له طالب بصورة تدفعه للانتحار؟
>> الانتحار فعل يأتي نتيجة الشعور الشديد باليأس وفقدان الأمل، وهؤلاء الأولاد وصل الضغط النفسي عليهم لدرجة اليأس الشديد مما دفعهم إلي الانتحار، فإذا نظرنا إلي الصورة العامة سنجد أن الوصول للكليات المعقولة يتطلب مجموعا يتراوح بين 90 و95 % مما يجعل الطلبة تحت ضغط شديد ومتواصل لمدة 24 شهرا بدون إجازات، وتبدأ هذه المعركة مع نهاية امتحانات الصف الأول الثانوي وحتي الالتحاق بالكلية.
فالطالب يري المصاريف المادية المهولة التي ينفقها أهله علي الدروس الخصوصية فتتحول إلي ضغط نفسي عليه يترجمه إلي مجهود شاق من المذاكرة علي مدار 24 شهرا في فترة عمرية من المفترض أن يتخللها أوقات للمرح وتكون الدراسة جزءا من حياتهم وليس حياتهم بأكملها، وعندما يضاف إلي كل هذا الضغط أحساس بالإحباط وانعدام للأمل في مستقبلهم وتحطم الأمل الذي يعقده عليهم أهلهم تكون النتيجة أن الحياة بأكملها غير مجدية، ومن ثم يكون الانتحار هو الحل.
> لماذا اتخذ انتحار طلبة الثانوية العامة هذا المنحي الغريب؟
>> الانتحار في هذا السن الصغير وبهذا العدد سلوك غريب،وغير مسبوق في تاريخ الطب النفسي فعدد حالات الانتحار المسجلة حول العالم في مثل هذا السن قليلة جدا ويتم ذكرها في المراجع النفسية بالاسم، ولهذا فنحن هنا بصدد ضغوط نفسية تمثل جريمة في حق الطلاب، ولابد أن يتم توجيه اتهام للمتسبب فيها، ومن المتوقع في حال استمرار الوضع علي ما هو عليه أن تحدث كارثة مع ظهور نتائج الامتحانات إذا لم يتم علاج الوضع وإذا لم يتق المسئولون الله ويتوقفوا عن التصريح بأن كل شيء علي ما يرام، فما حدث هو جرس إنذار يجب أن ينتبه له المسئولون، فأي مجتمع يحدث فيه انتحار لمثل هذا العدد "الدنيا تتقلب".
كما أن هناك جانبا آخر في هذه الظاهرة، فعلي الرغم من أن حالات الانتحار الأخيرة هي التي فجرت الوضع النفسي لطلبة الثانوية العامة، إلا أننا في الطب النفسي نسمي هذه الأيام بـ"موسم الثانوية العامة" نظرا لاستقبالنا الكثير من حالات الاكتئاب والانهيار العصبي والخوف والقلق المرضي والأمراض العقلية والنفسية الأخري، ولو تم إجراء إحصاء حقيقي لضحايا الثانوية العامة ستكون النتيجة عبارة عن "كارثة".
> هل من المفترض في ورقة الامتحان أن تراعي بعض الجوانب النفسية للطالب؟
>> ورقة الامتحان لابد أن تراعي الفروق الشخصية بين كل طالب وآخر وأن يجد فيها كل طالب ما يستطيع الإجابة عنه، ولكن للأسف لا نجد هذا في امتحانات طلابنا، فالامتحان عندنا يناسب فقط الطالب الذي يمتلك القدرة علي الحفظ والاستظهار وهو ما يشكل أزمة نفسية للطالب الذي لا يمتلك هذه القدرة ولكنه يمتلك قدرات أخري لا يجد مجالا في الامتحان لإطلاقها، ولهذا لا تجد نسبة من الطلبة أصحاب مهارات غير الحفظ والاستظهار في كليات القمة، ولهذا يجب أن يكون الامتحان متعدد الأبعاد والمستويات وفقا لتعدد أبعاد ومستويات الطلاب أنفسهم.
> ما هو الدور النفسي للمراقب داخل اللجنة؟ >> نحن نواجه غيابا للدور النفسي للمراقبين داخل اللجان حتي من قبل المراقبين أنفسهم، فالمراقبون نوعان، الأول يقوم بتسهيل حالات الغش الجماعي وهو ما يمثل إحباطا لبعض الطلبة غير الراغبين في الغش والطلبة المتفوقين لأنه ينقل لهم إحساسا بالإحباط نتيجة ضياع مجهودهم طوال العام وتساويهم بمن لم يذاكر، والثاني هو النوع الذي يمارس ضغوطا نفسية علي الطلاب من خلال تكرار جمل من عينة "باقي علي انتهاء الوقت كذا" و"اللي هسمع نفسه هلغي امتحانه"، علي العكس من الدور الحقيقي الذي يجب أن يكون عليه المراقب من حياد وطمأنة الطلاب بجمل مثل "متقلقوش الوقت هيكفي" ومراعاة الهدوء في اللجنة وتهدئة الطلاب المتوترين وتقديم نوع من الدعم النفسي لهم بعيدا عن الغش
من جريدة البديل
email/eljoker_0072000@yahoo.com
الجمعة يونيو 27, 2008 9:32 am